سورة الاخلاص ..وقفات وعظات
بسم الله الرحمن الرحيم
: قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد [الإخلاص].
روى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي بعث رجلاً على سرية فكان الرجل يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم قل هو الله أحد - يختم دائمًا قراءته في صلاته – بقل هو الله أحد .
فلما رجعوا ذكروا ذلك للرسول فقال: ((سلوه لماذا يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: إنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها. أي لأن هذه السورة اشتملت على صفة الرحمن فأنا أحبها لذلك وأحب أن أقرأها دائمًا. فقال رسول الله : أخبروه أن الله يحبه)).
وكان سبب نزول هذه السورة العظيمة ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين سألوا رسول الله فقالوا: أوصف لنا ربك يا محمد - أي صف لنا ربك يا محمد - فأنزل الله قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد [الإخلاص].
فهذه السورة العظيمة وصفت الله سبحانه وتعالى، أول ما عرفته باسمه الأعظم الله اسمه الأعظم ومعناه المألوه أي المعبود، فهو سبحانه المعبود بحق دون سواه، ثم وصفته بعد ذلك بصفتين عظيمتين الأحد الصمد وهاتان الصفتان اشتملتا على إثبات سائر صفات الكمال لله سبحانه وعلى تنزيهه سبحانه من صفات النقص فالله متصف بصفات الكمال واحد أحد فيها لا يشبهه غيره: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى:11].
وهو سبحانه منزه عن جميع صفات النقص فهو "الصمد" أي السيد الذي كَمُلَ في سؤدده، وهو سبحانه العظيم الذي كَمُلَ في عظمته الحليم الذي كَمُلَ في حلمه العليم الذي كمل في علمه، الحكيم الذي كمل في حكمته، فهو سبحانه قد كمل في سائر أنواع السؤدد والشرف هو الله، هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار.وهو في صفات الكمال وأحديته وصمديته في الكمال تنزه سبحانه عن الولد والوالد وعن الشبيه والنظير لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا وليس له نظير ولا وزير.
قال النبي : قال الله : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفأ أحد ) رواه البخاري
وروى البخاري أيضاً عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ بقل هو الله أحد يرددها في ليلته - أي لم يقرأ غيرها في تلك الليلة - يرددها إلى أن أصبح فلما أصبح ذهب ذلك الرجل إلى النبي فذكر له ما صنع ذلك الرجل كأنه يتقالها - أي يرى أنه لم يأتِ إلا بالقليل - لم يقرأ ليلته إلا بـ قل هو الله أحد .
فقال النبي : ((والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن)) .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي قال لأصحابه: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلته ثلث القرآن فقالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ فقال : قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن)) .
وفي لفظ لمسلم أنه قال: ((إن الله قد جزء القرآن ثلاثة أجزاء فجعل "قل هو الله أحد" جزءًا من أجزاء القرآن)).
قال أهل العلم : ومعنى هذا أن القرآن الكريم أُنزل على ثلاثة أقسام فقسم منها الأحكام والتشريعات وقسم منها الوعد والوعيد وقسم منها الأسماء والصفات التي بها نعرف الرب سبحانه وتعالى.
فهذه السورة اشتملت على الأسماء والصفات الإلهية بلفظ موجز فهي ثلث القرآن بهذه المثابة.
روى النسائي وأصحاب السنن عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أنه دخل بالمسجد مع رسول الله فإذا رجل يصلي يدعو يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. فقال النبي : ((والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب. الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد هذا هو اسم الله الأعظم الذي إذا سُئل به سبحانه أعطى وإذا دُعي به أجاب)).
اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.
نسألك أن ترحمنا وتعفو عنا وتغفر لنا وتدخلنا الجنة وتعيذنا من النار يا أرحم الراحمين.
لاتنسو الردود